الوصف

سنين نامان، العدد 9

وهي أحد أعرق الرياضات في العالم، التي يوجد لها الصيت الأكبر في اليابان حيث يقدّر مصارع السومو كأحد أبرز معالم الدول ثقافيًا ورياضيًا. يعيش مصارعو السومو في «نادي السومو» ويكون هناك مدرب بمنزلة الأب، وراعية لهم تقوم مقام الأم. عادة ما يكون الأبُ مصارع محترف متقاعد ويكون المسؤول عن التدريب، والأم «الرئيسة» مسؤولة بالاهتمام والرعاية والتواصل مع الخارج. يعيش هؤلاء المصارعين طوال أيامهم في النادي؛ ينامون ويأكلون ويشربون ويقضون أوقاتهم كلها هناك، المعظم لا تتجاوز أعمارهم العشرين! بالرغم من ضخامة أجسامهم.
Text Link
هذه التجربة لا تختلف عن أي تجربة سابقة في اليابان في أهمية معرفة السياقات الداخلية، إن لم تكن أهمها وأكثرها حساسية لأنها تلمس أيقونة يابانية، فوجب علينا التأكد منذ البداية لجعل التواصل واضحًا ومحاولة المعرفة والإعداد المفصل عن السومو قبل الذهاب، فبحثنا عمّن يستطيع أن يعطينا كواليس السومو وأفكارهم؛ شخص منهم وفيهم. بعد البحث حصلنا على سومو متقاعد من مصر عبد الرحمن شعلان والملقب عند اليابانيين بـ «عاصفة الصحراء»، حرصنا على التواصل معه ومحاولة لعمل مقابلة مع عمر يشرح فيها طقوس وعادات السومو.
Text Link
خلال المقابلة اتضح لنا العديد من التفاصيل المهمة، التي بالتأكيد سنحتاج لها قبل أن ندخل في التجربة، أحد هذه المعلومات:
Text Link
الشكْ راود الجميع في المقدرة على الحصول على موافقة للتصوير في نادي سومو، لمعرفتنا المسبقة بخصوصية هذه الرياضة، وأن هناك تخوف من نوادي السومو بالظهور على ساحات الإعلام.
لكن بدأنا أولاً بالبحث عن جميع نوادي السومو في طوكيو والتي يبلغ عددها قرابة ٤٥ نادي، ومن بينها اخترنا ٦ نوادي، وبدأنا بالتواصل معهم جميعا. نختار حينها من بين كوم الرسائل البريدية نادي «فوتاغوياما» الذي كان مرحباً وبسيطاً في التواصل. ولكن أخبرونا أنه لن نستطيع أن نصور إلا إذا كان هناك إذن من «اتحاد السومو». وبعد أن تواصلنا مع الاتحاد كان هناك قلق بسيط للتعقيدات التي طلبت منا، حاولنا أن نطبق كل الشروط وأن نأخذها خطوةً بخطوة، حينها استطعنا الحصول على الموافقة الرسمية للتصوير من «اتحاد السومو».
Text Link
حتى نجهز للتصوير، شاركنا النادي معلومات الجدول اليومي للاعبين السومو، وعليه بنينا جدول التصوير:
٦:٣٠ الصحيان من النوم
٧:٣٠ بدء التمرين
١٠:٠٠ انتهاء التمرين
١٢:٠٠ الوجبة الأولى، الترتيب والتنظيف، ثم القيلولة
١٨:٣٠ الوجبة الثانية والأخيرة
٢٢:٠٠ إغلاق الأنوار في النادي
الأولوية دائمًا للتفاعل مع الأحداث والحضور الذهني خلال أوقات التصوير، فالأوقات والجدول مهم لصناعة خريطة اليوم ولكن أيضًا المرونة في التعامل مع المواقف والزمام اللحظي مهم لجعل التجربة أكثر واقعية.
Text Link
قبل أن نبدأ التجربة كانت هناك مهمة خاصة قبل أن نستطيع الدخول لنادي السومو وهي تسليم الهدية «مبلغ مادي» لرابطة اتحاد مصارعي السومو وتبلغ ٣٣ ألف ين ياباني، ارتحلنا كاستوديو نامان لحي يسمى بحي السومو في طوكيو لتسليم المبلغ، فتحت أعيننا كثيرًا لتصميم المكان والمحطة أن كلها مصمم بأشكال المصارعين وصورهم، وتجد أغلب الناس هناك هم من المهتمين بمشاهدة مصارعة في أكبر حلبة معروفة للسومو.
بعد تسليم المبلغ انطلقنا للنادي مباشرة حتى نتأكد أن كل شيء جاهز لاستقبال فريق عمر بالغد. قابلنا فيه الأم وبعض الأبناء «مصارعين السومو» الذين استقبلونا بلطف كبير وعرفونا على المكان وكامل التجهيزات وحضرنا فيه الجدول معهم مرة أخرى للتأكد. كل شيء على ما يرام للغد.
Text Link
أحد الهدايا المهمة أيضًا هي أكياس الرز، فلكي نقدمها وجب علينا البحث عن الأكياس ذو اللحاء القطني أو الورقي، كلها تفاصيل مهمة توضح مدى اعدادنا وبحثنا عندهم. بحثنا كثيرًا في الأسواق حتى عثرنا عليها أخيرًا، ١٠ كيلو من الأرز.
انطلقنا مع أول قطار فجرًا للنادي، بدأ التصوير من المحطة إلى أن فتح باب النادي واستقبل عمر من الأبناء. دخلنا ولازال الكثير منهم نائمًا، تسمع أصوات الشخير كما لم تسمعها من قبل، بحكم أجسامهم الضخمة. بعدها يبدأ واحدًا واحد بالنهوض، وأول ما يفعلونه هو التمدد، الذي تتفاجأ منه بمرونة أجسادهم.
Text Link
بعد الأستيقاظ تبدأ تجهيزات صالة التمرين، تسمع فيه أصوات تصادم الأجساد العالي دلالة على قوة عضلاتهم، فمنهم من يضرب الخشب على الزاوية حتى يحمي يده، أو من ينزل ضغطًا بالأرض بكل سهولة كأنه ذو وزن خفيف. وعمر في وسطهم يحاول أن يتعلم منهم ويجرب الضرب على الخشب، أو عمل التموضع المشهور بوضع اليدين على الركبتين وهكذا كلها جرب كسمفونية كان قائدها الأب المتمركز في وسط الحلبة يشرف عليهم جميعًا، وفريق الإنتاج قد انقسم قسمين، قسم داخل الحلبة، وآخر خارجها يوثق من يخرج ليرتاح أو يشرب ماء أو تفاعلات الأب وتوجيهاته للمصارعين. عمر كان مصر على عمل التجربة بكل حذافيرها وعدم معاملته كضيف ولكن كمتدرب عندهم، فبدأ في صراع أحدهم حتى يتمرن.
Text Link
الراحة وثم الطعام، في المطبخ ترى صغارهم يهمون في صنع الطعام للجميع. ملاعق كبيرة من الأرز الأبيض والدجاج والشوربة، فأحد نقاط قوة مصارعي السومو هي تجمعيهم كميات الدهون الكثيرة التي تساعدهم في التمركز في وسط الحلبة دون السقوط. ولكي يجمعون هذه الدهون، ينامون مباشرة بعد الأكل حتى يخزن الطعام ولا يحرق.
Text Link
بعد قضاء يوم متكامل عاش فيه عمر التجربة الكامل وصنع ذكريات عديدة مع المصارعين، ونحن نتجهز للخروج كنا نبحث عنهم نحسب أنهم هموا لغرفهم أو خرجوا، ولكن المفاجأة أنهم كانوا خارج النادي عند الباب ينتظروننا بمشهد خالد من الإحترام والتقدير، فهم لا يحتاجون لنا أو لقولها بشكل أدق نحن أناس عابرين، فلماذا كل هذا الإحترام والتقدير؟ توقفنا عن التفكير لأنه غير مجدي بعد كل هذه اللحظات، ودعونا بأحر الأمنيات والدعوات، وانتظرونا كعادتهم حتى يتوارى عن الأنظار.

نعود للمنزل مشيًا على الأقدام، لا نسمع فيه ألا استغرابنا من ثقافة هذا المكان، نحمد الله فيه على التيسير والتوفيق.
Text Link
«الأنفة والأنانية في اتخاذ الخيارات والقرارات»
يقلق بعض الناس من أن يأخذوا النصائح والمشورات من الآخرين في نطاق العمل، وحقيقة ذلك يكمن في الخوف والقلق من أن يتغير الخيار المرغوب فيه، ولا أرى ذلك سوى أنانية ذاتية أكثر من كونها هي قرار أو خيار من أجل مصلحة العمل نفسه. قد تحصل تلك الحالة أيضاً في التعامل مع العملاء، حين يكون عميل يرغب بخيار «أ» وأنت ترغب بخيار «ب». في هذه الحالة الأولوية هي تكون لمصلحة العمل.
يقول بعض الناس وكيف لي معرفة إذا كان الخيار الذي أتبناه صحيح أم أم مجرد رغبة؟
أقول له: هل تستطيع أن تشرح بشكل منطقي وكلامي، لماذا هذا الخيار أو القرار صحيح؟ سيكون من المهم أن تستستوضح لنفسك أولاً «لماذا هذا الرأي مهم؟» والأمر الآخر احتمالية توافق الآراء مع الطرف الآخر. أغلب الناس تبني القرارات على الإحساس ولا تفكر للأخطاء التي تأتي لاحقاً.
