الوصف

سنين نامان، العدد 14

بدأتُ دراسة الهندسة المعمارية في عام ٢٠٢١، إيمانًا مني بأن للعمارة والبناء دورًا جوهريًا في حكاية التاريخ، وتشكيل أفعالنا، والعناية بصحتنا بطرق تتجاوز تصوراتنا.
تساءلت يومًا: لماذا نتحمل الوقوف لساعات في طوابير الملاهي بشيء من الرضا، بينما نضيق ذرعًا بالانتظار في غرف المستشفيات، رغم أن المدة الزمنية واحدة!
السبب يعود إلى إحساسنا المتغير بمرور الوقت. فالوقت في حقيقته نسبي، وليس لدينا عضو في أجسادنا يستطيع قراءته أو قياسه بشكل مطلق.
لكن ما العوامل التي تجعل الوقت نسبيًا؟ هذا السؤال كان شغلي الشاغل خلال سنتي الأخيرة في الجامعة. في معسكر «بيت الطين»، كان الهدف الأساسي هو فهم الوقت من خلال العمارة، إلى جانب مراجعة الذات عبر نواميس وأهداف خاصة. فكلما ابتعدنا عن محيطنا المألوف، رأيناه أوضح، على قولتهم: «مزمار الحي لا يطرب».
ومؤخرا لا ارى ما يطربني في طوكيو؛ اعتاد نفس المقهى، نفس الاماكن، لعجزي عن الشعور بالدهشة أو الرغبة في الاستكشاف. لوهلة، ظننت أن الدهشة والفضول مرتبطان فقط بفترة عمرية معينة. وها أنا الآن أودّع تلك المرحلة، وأدخل فترة الاستقرار؛ فترة الاهتمامات المحدودة، والتشبث بآراء محددة وحتى أذواق مألوفة.
Text Link
يعتقد كيفن نيوت أن فهمنا للوقت ينبع من حواسنا الخمس. فكلما انخرطت حواسنا بشكل كامل في تجربة ما، بدا الوقت وكأنه يمتد أطول. على سبيل المثال، قد يبدو معسكر يستمر لأسبوع وكأنه يدوم أطول من عدة أشهر نقضيها في الروتين الوظيفي.
نحن أيضًا نختبر فضاء المكان عبر حواسنا؛ كأن نشعر برائحة بيت دافئ مصنوع من الخشب في الشتاء، أو نلمس طاولة خشبية بملمسها الفريد، أو نمشي حفاة على أرضية المنزل، أو نستمتع بمشهد شروق الشمس وغروبها وهي تعبر الشرفة.
إن تفاعل الحواس مع بعضها في المكان يمنحنا إدراكًا أعمق لمرور الوقت. وهكذا، تمتلك العمارة القدرة على تشكيل إحساسنا بالزمن، عبر العناصر التي تُثري تجاربنا الحسية وتمنح كل لحظة وقعًا مميزًا.
Text Link
اخترتُ هذه النواميس بهدف منح حواسي الفرصة لاستشعار التجربة بشكل كامل دون أي مشتتات. الهدف هو الإحساس بمرور الوقت عبر التركيز على الحواس، حيث إن الانغماس في الهدوء يمكننا من سماع أدق الأصوات التي قد لا نلتفت إليها عادة، ومع حلول الظلام تتوسع بؤبؤة العين لتلتقط تفاصيل لا نراها في وضوح النهار.
في خريف ٢٠٢٤، تواصلتُ مع «استوديو نامان» لتصميم هذا المعسكر الفريد الذي يدمج العمارة اليابانية مع تجربة عميقة لاستكشاف لغز الوقت. النشرات القادمة ستأخذكم في تفاصيل هذه الرحلة المليئة بالاكتشافات والتجارب التي شكّلت ملامحها، وأثرت في إدراكي للزمن والحياة، في محاولة لإعادة ضبط الإيقاع الداخلي واستعادة الارتباط العميق بالعالم من حولي.
Text Link
«التواضع»
.jpg)
القط يستشعر الوقت ببطء منتظرًا دينا لتبدأ الطريق...